السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خير الانام واله الكرام
نتابع الطرق الاخرى من تحديات القران فيما جاء بوارد تفسير سورة البقره
(تحدي القرآن بالاخبار عن الغيب) وقد تحدى بالاخبار عن الغيب بآيات كثيرة، منها إخباره بقصص الانبياء السالفين وأممهم كقوله تعالى: (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا الآية) هود - 49، وقوله تعالى بعد قصة يوسف: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون) يوسف - 102 وقوله تعالي في قصة مريم: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم ايهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون) آل عمران - 44 وقوله تعالى: (ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون) مريم - 34 إلى غير ذلك من الآيات.
ومنها الاخبار عن الحوادث المستقبلة كقوله تعالى: (غلبت الروم في أدنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) الروم - 2 - 3، وقوله تعالى في رجوع النبي إلى مكة بعد الهجرة: (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى المعاد) القصص -
85، وقوله تعالى (لتدخلن المسجد الحرام انشاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون الآية) الفتح - 27، وقوله تعالى: (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم) الفتح - 15، وقوله تعالى: (والله يعصمك من الناس) المائدة - 70، وقوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) الحجر - 9، وآيات أخر كثيرة في وعد المؤمنين وعيد كفار مكة ومشركيها.
ومن هذا الباب آيات أخر في الملاحم نظير قوله تعالى: (وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون حتى إذا فتحت ياجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين) الانبياء - 95، 97، وقوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض) النور - 55، وقوله تعالى (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) الانعام - 65، ومن هذا الباب قوله تعالى: (وارسلنا الرياح لواقح) الحجر - 22، وقوله تعالى (وأنبتنا فيها من كل شئ موزون) الحجر - 19، وقوله تعال: (والجبال أوتادا) النباء - 7، مما يبتني حقيقة القول فيها على حقائق علمية مجهولة عند النزول حتى اكتشف الغطاء عن وجهها بالابحاث العلمية التي وفق الانسان لها في هذه الاعصار.
ومن هذا الباب (وهو من مختصات هذا التفسير الباحث عن آيات القرآن باستنطاق بعضها ببعض واستشهاد بعضها على بعض) ما في سورة المائدة من قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، الآية) المائدة - 54.
وما في سورة يونس من قوله تعالى: (ولكل امة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط إلى آخر الآيات) يونس - 47، وما في سورة الروم من قوله تعالى: (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها الآية الروم - 30، إلى غير ذلك من الآيات التي تنبئ عن الحوادث العظيمة التي تستقبل الامة الاسلامية أو الدنيا عامة بعد عهد نزول القرآن، وسنورد انشاء الله تعالى طرفا منها في البحث عن سورة الاسراء.
(تحدي القرآن بعدم الاختلاف فيه) وقد تحدى أيضا بعدم وجود الاختلاف فيه، قال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه إختلافا كثيرا) النساء - 82، فإن من الضروري أن النشة نشأة المادة والقانون الحاكم فيها قانون التحول والتكامل فما من موجود من الموجودات التي هي أجزاء هذا العالم الا وهو متدرج الوجود متوجه من الضعف إلى القوة ومن النقص إلى الكمال في ذاته وجميع توابع ذاته ولواحقه من الافعال والآثار ومن جملتها الانسان الذي لا يزال يتحول ويتكامل في وجوده وأفعاله وآثاره التي منها آثاره التي يتوسل إليها بالفكر والادراك، فما من واحد منا إلا وهو يرى نفسه كل يوم أكمل من أمس ولا يزال يعثر في الحين الثاني على سقطات في أفعاله وعثرات في اقواله الصادرة منه في الحين الاول، هذا أمر لا ينكره من نفسه إنسان ذو شعور.
وهذا الكتاب جاء به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نجوما وقرأه على الناس قطعا قطعا في مدة ثلاث وعشرين سنة في أحوال مختلفة وشرائط متفاوتة في مكة والمدينة في الليل والنهار والحضر والسفر والحرب والسلم في يوم العسرة وفي يوم الغلبة ويوم الامن ويوم الخوف، ولالقاء المعارف الالهية وتعليم الاخلاق الفاضلة وتقنين الاحكام الدينية في جميع أبواب الحاجة، ولا يوجد فيه أدنى إختلاف في النظم المتشابه، كتابا متشابها مثانى ولم يقع في المعارف التي ألقاها والاصول التي أعطاها إختلاف يتناقض بعضها مع بعض وتنافي شئ منها مع آخر، فالآية تفسر الآية والبعض يبين البعض، والجملة تصدق الجملة كما قال علي (عليه السلام): (ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض) (نهج البلاغة).
ولو كان من عند غير الله لاختلف النظم في الحسن والبهاء والقول في الشداقة والبلاغة والمعنى من حيث الفساد والصحة ومن حيث الاتقان والمتانة.
فان قلت: هذه مجرد دعوى لا تتكي على دليل وقد أخذ على القرآن مناقضات واشكالات جمة ربماألف فيه التأليفات، وهى اشكالات لفظية ترجع إلى قصوره في جهات البلاغة ومناقضات معنوية تعود إلى خطأه في آرائه وأنظاره وتعليماته، وقد
أجاب عنها المسلمون بما لا يرجع في الحقيقة إلا إلى التأويلات التي يحترزها الكلام الجاري على سنن الاستقامة وإرتضاء الفطرة السليمة.
قلت: ما أشير إليه من المناقضات والاشكالات موجودة في كتب التفسير وغيرها مع أجوبتها ومنها هذا الكتاب، فالاشكال أقرب إلى الدعوى الخالية عن البيان.
ولا تكاد تجد في هذه المؤلفات التي ذكرها المستشكل شبهة أوردوها أو مناقضة أخذوها الا وهي مذكور في مسفورات المفسرين مع اجوبتها فأخذوا الاشكالات وجمعوها ورتبوها وتركوا الاجوبة وأهملوها، ونعم ما قيل: لو كانت عين الحب متهمة فعين البغض أولى بالتهمة.
فان قلت: فما تقول في النسخ الواقع في القرآن وقد نص عليه القرآن نفسه في قوله: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها) البقرة - 106 وقوله: (وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل) النحل - 101، وهل النسخ إلا اختلاف في النظر لو سلمنا أنه ليس من قبيل المناقضة في القول؟.
قلت: النسخ كما أنه ليس من المناقضة في القول وهو ظاهر كذلك ليس من قبيل الاختلاف في النظر والحكم وانما هو ناش من الاختلاف في المصداق من حيث قبوله إنطباق الحكم يوما لوجود مصلحته فيه وعدم قبوله الانطباق يوما آخر لتبدل المصلحة من مصلحة اخرى توجب حكما آخر، ومن أوضع الشهود على هذا أن الآيات المنسوخة الاحكام في القرآن مقترنة بقرائن لفظية تومي إلى أن الحكم المذكور في الآية سينسخ كقوله تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن اربعة منكم فان شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفيهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا) النساء - 14، (انظر إلى التلويح الذي تعطيه الجملة الاخيرة)، وكقوله تعالى: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا) إلى أن قال (فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره) البقرة - 109، حيث تمم الكلام بما يشعر بأن الحكم مؤجل.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, يتبع ,,,,,,,,,,,,,,,,,