بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
بسم الله الرحمن الرحيم
نبدأ أولاً بمعاجز سيد الوصيين وإمام المتقين أمير المؤمنين الإمام علي - عليه السلام -
1- المحب الذي لم تحرقه النار :-
السيد المرتضى في عيون المعجزات : قال : حدثني أبو التحف , قال : حدثني سعيد بن مرة برفعه برجاله إلى عمار بن ياسر – رفع الله درجاته – أنه قال : كان أمير المؤمنين – عليه السلام – جالساً في دار القضاء , فنهض إليه رجل يقال له صفوان بن الأكحل , وقال : أنا رجل من شيعتك وعلي ذنوب , وأريد أن تطهرني منها في الدنيا لأرتحل إلى الآخرة وما علي ذنب . فقال – عليه السلام - : قل لي بأعظم ذنوبك ما هي ؟ فقال : أنا ألوط الصبيان .
فقال : إنما أحب إليك ضربة بذي الفقار , أو أقلب عليك جداراً , أو أضرم لك ناراً ؟ فإن ذلك جزاء من ارتكب ما ارتكبته . فقال : يا مولاي احرقني بالنار . فقال – عليه السلام - : يا عمار اجمع له ألف حزمة من قصب ، فأنا أضرمه غداًً بالنار , وقال للرجل : امض وأوص . قال : فمضى الرجل وأوصى بما له وعليه وقسم أمواله بين أولاده , وأعطى كل ذي حق حقه , ثم أتى باب حجرة أمير المؤمنين – عليه السلام – بيت نوح – عليه السلام – شرقي جامع الكوفة , فلما صلى أمير المؤمنين – عليه السلام – وأنجانا به الله من الهلكة .
قال : يا عمار ناد في الكوفة : اخرجوا وانظروا كيف يحرق علي رجلاً من شيعته بالنار . فقال أهل الكوفة : أليس قالوا : إن شيعة علي ومحبيه لا تأكلهم النار ؟! وهذا رجل م شيعته يحرقه بالنار , بطلت إمامته , فسمع ذلك أمير المؤمنين – عليه السلام - .
قال عمار : فأخرج الإمام الرجل وبنى عليه ألف حزمة من القصب , وأعطاه مقدحة من الكبريت , وقال له : أقدح وأحرق نفسك , فإن كنت من شيعة علي وعارفيه ما تمسك النار وإن كنت من المخالفين المكذبين فالنار تأكل لحمك , وتكسر عظمك . قال : فقدح النار على نفسه واحترق القصب وكان على الرجل ثياب كتان أبيض لم تعلقها النار ولم يقربها الدخان , فاستفتح الإمام وقال : كذب العادلون بالله وضلوا ضلالاً بعيداً , وخسروا خسراناً مبيناً .
ثم قال أنا قسيم الجنة والنار , شهد لي بذلك رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – في مواطن كثيرة .
وفيه قال عمار بن تغلبه :
علي حبـــــــــــــــــــه جنــــــــــــة ................................ قسيم النـــــــار والجنــــــــــــــــــة
وصي المصطفـــــــــى حقــــــــــاً ................................ إمـــــــــــام الإنــــس والجنــــــــــــة
المصدر : كتاب معاجز أهل البيت ( عليهم السلام )
المؤلف : محسن عقيل
الصفحة : 34 - 3
تابع
وهذه معجزة ثانية لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب – عليه السلام –
قصة العلقة التي في الجارية :-
السيد المرتضى : قال : حدثني هذا الشيخ – يعني أبا الحسن علي بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن الطيب المصري المعروف بأبي التحف – قال : حدثني العلا بن طيب بن سعيد المغازلي البغدادي ببغداد , قال : حدثني نصر بن مسلم بن صفوان بن الجمّال المكي , قال : حدثني أبو هشام المعروف بابن أخي ظاهر بن زمعة عن أصهب بن جنادة , عن بصير بن مدرك , قال : حدثني عمار ابن ياسر ذو الفضل والمآثر قال :
كنت بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – عليه السلام – وكان يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من صفر , وإذا بزعقه قد ملأت المسامع , وكان علي – عليه السلام – على دكه القضاء , فقال : يا عمار ائت بذي الفقار – وكان وزنه سبعة أمنان وثلثا منٍّ بالمكي – فجئت به , فصاح من غمده , وتركه وقال : يا عمار هذا يوم أكشف فيه لأهل الكوفة جميعاً الغمّة , ليزداد المؤمن وفاقاً , والمخالف نفاقاً , يا عمار ائت بمن على الباب .
قال عمار : فخرجت وإذا بالباب امرأة في قبة على جمل وهي تصيح : يا غياث المستغيثين , ويا غاية الطالبين , ويا كنز الراغبين , ويا ذا القوة المتين , ويا مطعم اليتيم , ويا رازق العديم , ويا محيي كل عظيم رميم , ويا قديم سبق قدمه كل قديم , يا عون من لا عون له , ويا طود من لا طود له وكنز من لا كنز له , إليك توجهت , وإليك توسلت , بيض وجهي , وفرج عني كربي .
قال : وحولها ألف فارس بسيوف مسلولة , قوم لها , وقوم عليها , فقلت : أجيبوا أمير المؤمنين – عليه السلام - , فنزلت عن الجمل ونزل القوم معها ودخلوا المسجد , فوقعت المرأة بين يدي أمير المؤمنين – عليه السلام – وقالت : يا علي إياك قصدت , فاكشف ما بي من غمة , إنك ولي ذلك , والقادر عليه , فقال أمير المؤمنين – عليه السلام - : يا عمار ناد في الكوفة لينظروا إلى قضاء أمير المؤمنين – عليه السلام - .
قال عمار : فاجتمع الناس حتى صار القدم عليه أقدام كثيرة , ثم قام أمير المؤمنين – عليه السلام – وقال : سلوا عما بدا لكم يا أهل الشام , فنهض من بينهم شيخ أشيب على بردة أتحميه , وحلة عدنية , وعلى رأسه عمامة خز سوية , فقال : السلام عليك يا كنز الضعفاء , ويا ملجأ اللهفاء , يا مولاي هذه الجارية ابنتي وما قربتها ببعل قط , وهي عاتق – حامل , وقد فضحتني في عشيرتي .
وأنا معروف بالشدة والنجدة والبأس والسطوة والشجاعة والبراعة , والنزاهة والقناعة .
أنا قلمس بن غفريس وليث عسوس . ووجهه على الأعداء عبوس , لا تخمد لي نار , ولا يضام لي جار عزيز عند العرب بأسي ونجدتي وحملاتي وسطواتي .
أنا من أقوام بيت آباؤهم بيت مجد في السماء السابعة فينا كل عبوس لا يرعوي , وكل حجاج ( جحجاح ) عن الحرب لا ينتهي , وقد بقيت يا علي حائر في أمري , فاكشف هذه الغمة فهذه عظيمة لا أجد أعظم منها .
فقال أمير المؤمنين – عليه السلام - : ما تقولين يا جارية فيما قال أبوك ؟ قالت : أما قوله أني عاتق فقد صدق فيما يقول , وأما قوله أني حامل , فو الله ما أعلم من نفي خيانة قط يا أمير المؤمنين وأنت أعلم به مني وتعلم أني ما كذبت فيما قلت ففرج عني غمي يا عالم السر وأخفى .
فصعد أمير المؤمنين – عليه السلام – وقال : الله أكبر (( وَقُلْ جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً )) فقال – عليه السلام - : علي بداية الكوفة , فجاءت امرأة يقال لها : لبنا , وكانت قابلة نساء أهل الكوفة , فقال اضربي بينك وبين الناس حجاباً , وانظري هذه الجارية أعاتق حامل ؟ ففعلت ما أمرها أمير المؤمنين – عليه السلام – وقال : نعم يا أمير المؤمنين , عاتق حامل .
فقال : يا أهل الكوفة أين الأئمّة الذين ادّعوا منزلتي ؟ أين من يدّعي في نفسه أن له مقام الحق فيكشف هذه الغمّة ؟ فقال عمرو بن حريث كالمستهزئ : ما لها غيرك يا بن أبي طالب , واليوم تثبت لنا إمامتك , فقال أمير المؤمنين – عليه السلام – لأبي الجارية : يا أبا الغضب , ألستم من أعمال دمشق ؟ قال : بلى يا أمير المؤمنين .
قال : من قرية يقال لها : إسعاد طريق بانياس الجولة ؟ فقال : بلى يا أمير المؤمنين .
فقال : هل فيكم من يقدر على قطعة ٍ من الثلج ؟ فقال أبو الغضب : الثلج في بلادنا كثير .
قال أمير المؤمنين – عليه السلام - : بيننا وبين بلادكم مائتا فرسخ وخمسون فرسخاً . قال : نعم يا أمير المؤمنين.
قال عمار – رضي الله عنه - : فمدّ – عليه السلام – يده وهو على منبر الكوفة , وردها وفيها قطعة من الثلج تقطر ماء , ثم قال لداية الكوفة : ضعي هذا الثلج مما يلي فرج هذه الجارية , سترمي علقة وزنها خمس وخمسون درهماً ودانقان .
قال فأخذتها وخرجت بها من الجامع وجاءت بطشت ووضعت الثلج على الموضع منها , فرمت علقة كبيرة فوزنتها الداية فوجدتها كما قال – عليه السلام – وكان قد أمسك المطر عن الكوفة منذ خمس سنين . فقال أهل الكوفة : استسق لنا يا أمير المؤمنين فأشار بيده قِبَلَ السماء فدمدم الجو واسجم وحمل مزناً , وسال الغيث وأبلت الداية مع الجارية فوضعت العلقة بين يديه .
فقال : وزنتها ؟ فقالت نعم : نعم يا أمير المؤمنين وهي كما ذكرت . فقال – عليه السلام - : (( وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ )) .
ثم قال : يا أيا الغضب خذ ابنتك فو الله ما زنت , ولكن دخلت الموضع فدخلت فيها هذه العلقة وهي بنت عشر سنين , فربت في بطنها إلى وقتنا هذا , فنهض أبوها وهو يقول : أشهد أنك تعلم ما في الأرحام وما في الضمائر
المصدر : كتاب معاجز أهل البيت ( عليهم السلام )
المؤلف : محسن عقيل
الصفحة : 64- 67
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]