بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
..... نتابع على بركة الله تفسير سورة البقره
ويمكن أن يستدل أيضا على ما مر بقوله تعالى: (ذلكم الله ربكم خالق كل شئ) المؤمن - 62، وقوله تعالى: (ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم) هود - 56.
فإن الآيتين بانضمام ما مرت الاشارة إليه من أن الآيات القرآنية تصدق قانون العلية العام تنتج المطلوب.
وذلك أن الآية الاولى تعمم الخلقة لكل شئ فما من شئ إلا وهو مخلوق لله عز شأنه، والآية الثانية تنطق بكون الخلقة والايجاد على وتيرة واحدة ونسق منتظم من غير إختلاف يؤدي إلى الهرج والجزاف.
والقرآن كما عرفت يصدق قانون العلية العام في ما بين الموجودات المادية ينتج أن نظام الوجود في الموجودات المادية سواء كانت على جري العادة أو خارقة لها على صراط مستقيم غير متخلف ووتيرة واحدة في إستناد كل حادث فيه إلى العلة المتقدمة عليه الموجبة له.
ومن هنا يستنتج أن الاسباب العادية التي ربما يقع التخلف بينها وبين مسبباتها ليست بأسباب حقيقية بل هناك اسباب حقيقية مطردة غير متخلفة الاحكام والخواص كما ربما يؤيده التجارب العلمي في جراثيم الحيوة وفي خوارق العادة كما مر.
3 - القرآن يسند ما أسند إلى العلة المادية إلى الله تعالى ثم ان القرآن كما يثبت بين الاشياء العلية والمعلولية ويصدق سببية البعض للبعض كذلك
يسند الامر في الكل إلى الله سبحانه فيستنتج منه أن الاسباب الوجودية غير مستقلة في التأثير والمؤثر الحقيقي بتمام معنى الكلمة ليس إلا الله عز سلطانه.
قال تعالى: (ألا له الخلق وألامر) الاعراف - 53، وقال تعالى (لله ما في السموات وما في الارض) البقرة - 284، وقال تعالى: (له ملك السموات والارض) الحديد - 5، وقال تعالى: (قل كل من عند الله) النساء - 77.
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على أن كل شئ مملوك محض لله لا يشاركه فيه احد، وله أن يتصرف فيها كيف شاء وأراد وليس لاحد أن يتصرف في شئ منها إلا من بعد أن يأذن الله لمن شاء ويملكه التصرف من غير إستقلال في هذا التمليك أيضا، بل مجرد إذن لا يستقل به المأذون له دون أن يعتمد على إذن الآذن، قال تعالى: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) آل عمران - 26، وقال تعالى: (الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) طه - 50، إلى غير ذلك من الآيات، وقال تعالى أيضا: (له ما في السموات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) البقرة - 255، وقال تعالى: (ثم استوى على العرش يدبر الامر ما من شفيع إلا من بعد إذنه) يونس - 3.
فالاسباب تملكت السببية بتمليكه تعالى، وهي غير مستقلة في عين أنها مالكة.
وهذا المعنى هو الذي يعبر سبحانه عنه بالشفاعة والاذن، فمن المعلوم أن الاذن إنما يستقيم معناه إذا كان هناك مانع من تصرف المأذون فيه، والمانع أيضا إنما يتصور فيما كان هناك مقتض موجود يمنع المانع عن تأثيره ويحول بينه وبين تصرفه.
فقد بان أن في كل السبب مبدئا مؤثرا مقتضيا للتأثير به يؤثر في مسببه، والامر مع ذلك لله سبحانه.
4 - القرآن يثبت تأثيرا في نفوس الانبياء في الخوارق ثم إنه تعالى قال: (وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون) المؤمن - 78.
فأفاد إناطة اتيان أية آية من أي رسول بإذن الله سبحانه فبين أن إتيان الآيات
المعجزة من الانبياء وصدورها عنهم إنما هو لمبدأ مؤثر موجود في نفوسهم الشريفة متوقف في تأثيره على الاذن كما مر في الفصل السابق.
قال تعالى: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفرسليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من احد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من احد إلا باذن الله) البقرة - 102.
ولآية كما انها تصدق صحة السحر في الجملة كذلك تدل على ان السحر ايضا كالمعجزة في كونه عن مبدأ نفساني في الساحر لمكان الاذن.
وبالجملة جميع الامور الخارقة للعادة سواء سميت معجزة أو سحرا أو غير ذلك ككرامات الاولياء وسائر الخصال المكتسبة بالارتياضات والمجاهدات جميعها مستندة إلى مباد نفسانية ومقتضيات إرادية على ما يشير إليه كلامه سبحانه الا ان كلامه ينص على ان المبدأ الموجود عند الانبياء والرسل والمؤمنين هو الفائق الغالب على كل سبب وفي كل حال، قال تعالى: (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين انهم لهم المنصورون وان جندنا لهم الغالبون) الصافات - 173، وقال تعالى: كتب الله لاغلبن أنا ورسلي) المجادلة - 21، وقال تعالى: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحيوة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد) المؤمن - 51.
والآيات مطلقة غير مقيدة.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, يتبع ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,